صورة ارشيفية من اليمن
ابناء شعب واحد يتقاسمون مرارة العيش وضيقه يعيشون الحصار والاعتقالات والمضايقات السياسية نفسها، إلا أن كل هذا لم يشفع للشعب الفلسطيني أن يتناسى الفروق الاجتماعية التي فرضتها الحياة ما بينه ويحولها إلى ترابط ومود قوية من اجل دحر المحتل والنهوض بنفسه بل وضع عقبات جديدة امام تطوره واهم هذه العقبات هي مصطلحات اعتيادية يرددها الجميع دون معرفة خطورة معناها وهي الفلاح والمدني من جهة والمواطن واللاجئ من جهة أخرى.
فكلمة مواطن ام لاجئ هي كلمة تسمع صداها بكثرة بين ابناء الشعب الفلسطيني وأكثر ما يتردد على ألسنتهم " تحمل كرت وكالة، أنت لاجئ، أين موطنك الأصلي " وغيرها من هذه الكلمات فاللاجئين الذين هجروا من أراضيهم وبيوتهم في نكبة عام 1948 وعاشو في المخيمات الفلسطينية أصبحوا يعانون مشكلة كبيرة مع أشقائهم من ابناء الوطن نفسه، وسبب هذه المشكلة التي خلقها الاحتلال منذ البداية وساهم في تفاقمها ابناء الشعب نفسهم، هي عقبة كبيرة من العقبات التي ساهم في إيجادها الاحتلال شكلت نظرة سلبيه إلى من يسكنون المخيمات أي اللاجئين وجعلتهم يشعرون بان حقوقهم مهضومة ومسلوبة على عكس المواطن .
وحول هذا الموضوع تحدث لدنيا الوطن السيد ضرغام الساحلي رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم العين قائلا " إن الفرق بين المواطن واللاجئ هو كالفرق بين الأرض والسماء فالمواطن ترعاه مؤسسات الدولة بشتى أسمائها وتوفر له كل الخدمات من كهرباء ومياه وبنية تحتية وطرق معبدة في حين إن اللاجئ لا يحصل على أي من هذه الخدمات بحجة إن وكالة الغوث هي من يقدم المساعدة للاجئين، لكن أكثر ما يؤسف هو إننا ابناء هذا الشعب فلماذا لا نعامل كباقي شعبنا والجميع يعلم أيضا أن وكالة الغوث عملت على تقليص خدماتها إلى 70% من خلال تقليص فرص العمل من 150 إلف فرصة عمل إلى 50 ألف فقط، فوضع اللاجئين سيء للغاية سواء داخل البيوت أو خارجها فنجن نعيش كما كان الإنسان في القرن الأول يعيش، وما يشعرك أن للمواطن ميزات أكثر انه حتى إذا حصل اللاجئ على وظيفة في البلدية تكون في قسم التنظيفات وهذا أمر سيء للغاية، وفي كل مرة يزين المرشحين لرئاسة البلدية دعايتهم الانتخابية على أساس تقديم المساعدة للمخيمات والعمل على تطويرها لكن بعد فوزهم وحصولهم على المنصب لا يقدمون شيئا بل بالعكس يبدءون بخنق هؤلاء اللاجئين بقرارات جديدة مجحفة بحقهم".
فاللاجئ أعطاه الزمن بطاقة ابن المخيم والمواطن يستخدم هذا الكرت لتمرد عليه وخلق فروقات فردية و اجتماعية واقتصادية بينهم .
فالمشكلة نراها حتى داخل بيوتنا ليقول إحدى الاهالى لدنيا الوطن "أذا جاء احد من المخيم يطلب ابنتي فأنا لا أتردد في الرفض ".
من جانب أخر تجد المشكلة الأغرب التي صنعها المجتمع من نفسه دون داعي لوجودها، وهي مشكلة المدني والفلاح الشائعة في صفوف المواطنين، فالمدني له نظرة خاصة ومفهوم خاطئ عن الفلاح، وكذلك الأمر بالنسبة للفلاح ابن القرية الذي يحمل نفس المفهوم والتصور الخاطئ عن المدني.
أمين البولي ابن مدينة نابلس يقول لدنيا الوطن " لا فرق بين المدني والفلاح فجميعنا تحت الاحتلال والنظرة السائدة من خلال التميز هي نظرة خاطئة عمل على إبرازها الاحتلال وتفخيمها لتفريق ابناء الشعب الواحد ومن هنا يجب علينا جميعا أن نتداركها وننهض من هذا الفخ".
كذلك الأمر بالنسبة للمواطن بشار مراعي ابن قرية عصيره الشمالية الذي يرى انه لا يوجد فرق سوى في اللهجة وبعض العادات والتقاليد البسيطة وان المدني هو من يعمل في التجارة في حين أن الفلاح هو من يعمل الزراعة".
بينما خالفهم الرأي المواطن إياد رياحي الذي يرى أن هناك تميز واضح بين المدني والفلاح من خلال الوظائف التي يحصل على غالبها ابن المدينة على حساب ابن القرية والمخيم مضيفا أن المدني هو من يعتمد على الفلاح في توفير قوته اليومي وذلك بسبب طبيعة عمله في التجارة وعمل الفلاح في الزراعة وتربية المواشي وبالتالي الاعتماد في الحصول على هذه الأشياء من الفلاح.
كما تقول إحدى الفتيات في مدينة نابلس لدنيا الوطن" انا ليست مع هذه الفروقات المبتذلة فجمعينا أبناء القضية والثورة الفلسطينية ،مضيفة أن اغلب صديقاتها هم من بنات القرى .
وتخالفها في الرأى بنت القرية فتقول لدنيا الوطن" أنا مؤمنة بهذه الفروقات فأهل المدينة "شايفين حالهم " وأهل القرية "بسطاء" للذلك لا أحبهم .
اختلافات كبيرة يعيشها ابناء الشعب الفلسطيني وكأنه لم يكفيهم مرارة العيش وضيقه التي فرضها عليهم الاحتلال فإلى متى ستبقى الفرو قات والنزعات القومية والعائلية هي التي تقودنا نحو الهاوية وعدم الوعي إلى مجتمعنا الذي له حق علينا ومتى ستكون نهضة تصحيح هذه المفاهيم.